في حدث استثنائي يعكس التقاء الإبداع بالهوية، سجل المصمم السوري رامي العلي اسمه كأول مصمم سوري مقيم في الإمارات يدرج رسميًا ضمن تقويم نقابة الأزياء الراقية والموضة في باريس La Fédération de la Haute Couture et de la Mode.
هذا الإنجاز جاء من خلال عرضه لمجموعة خريف وشتاء 2025-2026 ضمن أسبوع الهوت كوتور الباريسي، والتي حملت عنوانًا شاعريًا: “حراس النور … الحرفة الحية لدمشق”.
لحظة مفصلية في مسيرة إبداعية
هذا الظهور الرسمي لا يعد مجرد محطة جديدة في مسيرة العلي، بل هو اعتراف عالمي بمكانته كمصمم قادر على المزج بين التقنية العالية والرؤية الفنية العميقة، مع وفاءٍ لجذوره وهويته الثقافية.
“حراس النور”: مجموعة تنبض بالذاكرة
لم تكن المجموعة مجرد تصاميم للعرض، بل قصيدة بصرية تحاكي دمشق العريقة؛ المدينة التي شكلت وعي العلي الفني. استلهم تفاصيله من الأبواب المنحوتة، الأفنية الدمشقية القديمة، والأسقف المزخرفة التي تروي قصصًا عن الحرفيين والخطاطين والنساجين.
في الأتيلييه الباريسي، تحولت هذه الذكريات إلى قطع نحتية مطرزة يدويًا، مرصعة بالخرزات، ومتألقة بنقوش تحاكي القيشاني وعرق اللؤلؤ. لوحة لونية متناغمة من البرقوقي والوردي الناعم إلى اللازورد والذهبي والفضي العتيق، جسدت ثنائية الماضي والحاضر في انسيابية شاعرية.
من التراث إلى الخياطة الراقية
استلهمت التصاميم من معالم دمشقية أيقونية: قصر العظم بزخارفه، خان أسعد باشا بهندسته الإيقاعية، وجامع الدرويشية ببلاطه التاريخي. ومن خلال تعاون أصيل مع مجلس الحرف السوري، تمكن العلي من إعادة إحياء نقوش أصيلة وأعمال تراثية بمهارة تحترم الماضي وتقدمه بلغة الحاضر.
احتفاء بالحرفة اليدوية
كل قطعة من “حراس النور” بدت كتحية لأولئك الحرفيين الذين صاغوا الجمال بأيديهم عبر العصور. المجموعة لم تكن مجرد عودة للذاكرة، بل شهادة حية على أن الحرف اليدوية قادرة على الاستمرار والتجدد، لتظل حارسة للنور والإبداع.
ميلاد فصل جديد في باريس
بهذه المجموعة، يرسخ رامي العلي مكانته كأحد أبرز سفراء الأزياء الراقية العرب على الساحة العالمية. لقد نجح في أن يكون صوته الفني مرآة للشرق في قلب باريس، جامعًا بين الفخامة الأوروبية وعمق التراث الدمشقي.
رامي العلي لم يقدم مجرد عرض للأزياء، بل قدم رسالة: أن الموضة يمكن أن تكون جسرًا يصل بين الذاكرة والحاضر، بين الشرق والغرب، وبين الحرفة والابتكار.